الجمعة, أكتوبر 24, 2025
أفريكا تريند
English | إنجليزي
No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • دراسات
    • دراسات بيئية
    • دراسات ثقافية
    • دراسات مجتمعية
  • تقارير
    • اقتصادية
    • سياسات عامة
  • الهوية الإفريقية
  • مرآة إفريقيا
    • مقالات
    • أصوات إفريقية
    • أحداث دولية
    • تقدير موقف
  • عن أفريكا تريندز
    • من نحن
    • معايير النشر
    • فريق أفريكا تريندز
    • كُتَّاب أفريكا تريندز
اكتب معنا
أفريكا تريند
  • الرئيسية
  • دراسات
    • دراسات بيئية
    • دراسات ثقافية
    • دراسات مجتمعية
  • تقارير
    • اقتصادية
    • سياسات عامة
  • الهوية الإفريقية
  • مرآة إفريقيا
    • مقالات
    • أصوات إفريقية
    • أحداث دولية
    • تقدير موقف
  • عن أفريكا تريندز
    • من نحن
    • معايير النشر
    • فريق أفريكا تريندز
    • كُتَّاب أفريكا تريندز
No Result
View All Result
أفريكا تريند
English 🇬🇧
Home أحداث وتحليلات

البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا بين الجدل السياسي الداخلي والرمزية الجيوسياسية

محمد زكريا فضل إعداد محمد زكريا فضل
24 سبتمبر، 2025
in أحداث وتحليلات, أوراق سياسات
Reading Time: 2 mins read
0 0
A A
0
البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا بين الجدل السياسي الداخلي والرمزية الجيوسياسية

البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا بين الجدل السياسي الداخلي والرمزية الجيوسياسية

11
SHARES
46
VIEWS
فيسبوكإيكسواتسابامسح الكود

لم يَعُد موضوع البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا مجرد عنواناً عابراً في تقارير المناورات العسكرية؛ بل تحوّل إلى مدخل لتوتر داخلي، ورسالة خارجية تحمل رمزية جيوسياسية عميقة.

ففي الوقت الذي تتشابك فيه خرائط التحالفات الدولية، وتزداد فيه الحساسية الجيوسياسية في الجنوب العالمي، برزت حادثة زيارة رئيس أركان جيش جنوب إفريقيا، الجنرال رودزاني مافونيا (General Rudzani Maphwanya)، إلى العاصمة الإيرانية طهران (Tehran) في أغسطس 2025م، بوصفها لحظة فارقة في سجل العلاقات العسكرية والدبلوماسية بين البلدين.

لم تكن الزيارة ضمن جدول أعمالٍ معلَن من رئاسة الجمهورية أو وزارة الدفاع، ولم تسبِقها موافقة رسمية من الرئيس سيريل رامافوزا (Cyril Ramaphosa)؛ بل جاءت في سياق غير مألوف، حمل معه تصريحاتٍ ذات طابع سياسي شديد الوضوح؛ حيث تحدّث الجنرال عن “الأهداف المشتركة” بين البلدين، وأشاد بما وصفه بـ “السلام الذي تمثّله الجمهورية الإسلامية”، مضيفاً دعماً صريحاً لما سماه “تمدد طهران نحو إفريقيا“.

وأثارتْ هذه الخطوة، في داخل جنوب إفريقيا، حالة من الارتباك بين مؤسسات الدولة، كما لقيت انتقاداتٍ واسعة النطاق من دوائر دبلوماسية وإعلامية عدّتها خروجاً عن الأعراف الدستورية التي تضبط علاقة المؤسسة العسكرية بصناعة القرار السياسي.

وجاءتْ الزيارة بعد أسابيع من اجتماع تحضيري في كيب تاون (Cape Town) لمناورات بحرية تحتضنها جنوب إفريقيا وتُعرف باسم “موسي 3 “(Exercise Mosi III)، بدعوة إلى دول ضمن مجموعة “بريكس الموسعة ” (BRICS Plus)، منها روسيا، والصين، وإثيوبيا، وإندونيسيا، وإيران.

قد يعجبك أيضا

انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر من المحكمة الجنائية الدولية: تحقيق للسيادة أم تهرّب من المساءلة؟

الاتحاد الإفريقي يدعم اعتماد خريطة إفريقيا الحقيقية: خطوة رمزية بأبعاد استراتيجية

ما وراء الصورة: زيارة الأمير هاري، والألغام الأرضية في أنغولا، وسياسات الذاكرة

إلغاء تأشيرات دخول كينيا للأفارقة: خطوة نحو اندماج قاري

وكان من المزمع إجراء التمرين في نوفمبر القادم قبالة سواحل كيب الغربية (Western Cape)، استكمالًا لسلسلة بدأتْ بمناورة “موسي 1” عام 2019م، ثم “موسي 2” في مارس 2023م، قبل أنْ يُعلَن عن تأجيله بسبب تزامنه مع قمة مجموعة العشرين (G20) التي تستضيفها بريتوريا (Pretoria)، العاصمة الإدارية لجنوب إفريقيا، في الفترة ذاتها، مما دفع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إلغاء مشاركته.

وفي المقابل، قرأتْ طهران هذه الفُسحة الدبلوماسية كفرصة ثمينة لإعادة تموضعها في فضاء العلاقات الإفريقية، خاصة في ظل تراجع نفوذها الإقليمي بعد اشتعال الحرب في قطاع غزة، وانحسار تأثيرها في سوريا، ولبنان، والعراق، وحتى جنوب القوقاز، فضلاً عن تنامي برود المواقف الصينية والروسية تجاه طموحاتها الإقليمية.

فالمشاركة في مناورات بحرية دولية، وإنْ كانت مؤجلة، والزيارات العسكرية رفيعة المستوى، تُعدّ مكاسب رمزية لإيران، في لحظة خسارة استراتيجية حرجة. ويبدو أنّ موضوع البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا بات أداة لتعويض تراجع النفوذ في الشرق، عبر بوابة الجنوب العالمي.

ولا يمكن قراءة هذا الحدث في معزل عن التطورات الإقليمية المتسارعة في الشرق الأوسط، وتحديداً احتدام الصراع بين إيران من جهة، والتحالفات الغربية–الإسرائيلية من جهة أخرى، في ظل حرب غزة المستمرة وما تثيره من استقطاب حادٍّ في المواقف الدولية.

وفي هذا السياق، قدْ يُنظرُ إلى انفتاح جنوب إفريقيا على طهران بوصفه امتداداً لتقاليدها القائمة على دعم القضايا التحررية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية؛ لكنه يطرح أيضاً تحديّاً حقيقيّاً في كيفية التوفيق بين هذا الموقف الأخلاقي التاريخي، وبين متطلبات التوازن الاستراتيجي، لا سيما في ظل اشتباك إيران في ملفات إقليمية معقدة، يصعب على أيّ طرفٍ ثالثٍ أنْ يتعامل معها دون حسابات دقيقة.

وفي كل ذلك، يبقى موضوع البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا عنصراً رمزياً؛ لكنه بالغ الحساسية، في نظر المتابعين الدوليين. ولا تنبع أهمية هذا الحدث من تفاصيله الإجرائية فحسب؛ بل من رمزيته العميقة في سياق الصراع على النفوذ في الفضاء الإفريقي، وتقاطعاته مع تحولات بنيوية في السياسة الخارجية الجنوب إفريقية.

فبين اعتبارات السيادة، وتوازن العلاقات مع الشرق والغرب، وخطاب “التعددية” الذي تتبناه بريتوريا في المحافل الدولية، تتشكّل أسئلة دقيقة حول مستقبل التوجهات الاستراتيجية للدولة، وحدود تدخل المؤسسة العسكرية في الملفات الحساسة، ومدى قابلية القارة الإفريقية لأن تتحول إلى ساحة تنافس إيديولوجي مكرر.

ولا يبدو أنّ البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا ستظل حدثًا عابراً في الذاكرة الدبلوماسية؛ بل باتتْ عقدة جديدة في خريطة التوازنات القادمة.

ولهذه الأهمية والحساسية معاً، تسعى هذه الورقة إلى تقديم قراءة تحليلية مُركّزة في ضوء تزايد الجدل الذي أثارته المناورات البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا، وذلك من خلال مناقشة طبيعة الدور الذي تلعبه المؤسسة العسكرية في توجيه السياسة الخارجية، وحدود هذا الدور في سياق القرار السياسي المدني.

كما ستتناول الورقة كيفية توظيف إيران لعلاقاتها مع إفريقيا كأداة رمزية لتجاوز العزلة الدولية واستعادة مكانتها في المشهد العالمي، إلى جانب ما تطرحه هذه التطورات من تحديات على قدرة جنوب إفريقيا في الحفاظ على توازن علاقاتها مع شركائها التقليديين في الغرب، والناشئين في الشرق.

وستُستكمل القراءة باستعراض السياق الإقليمي والدولي الأوسع الذي تتقاطع فيه دلالات الملف الفلسطيني مع تمدد النفوذ الإيراني في جنوب العالم، وما يفرضه من معادلات جديدة على دولة تسعى للجمع بين مبادئها التحررية واستقلال قرارها الدولي.

وستختتم الورقة بتوصيات سياساتية موجّهة لتعزيز التنسيق المؤسسي، وضبط أولويات التحرك الدولي في بيئة تتسارع فيها تحولات النفوذ والمواقف.

قائد القوات البحرية في جنوب أفريقيا يزور بندر عباس، أغسطس 2024 (إسنا)
قائد القوات البحرية في جنوب أفريقيا يزور بندر عباس، أغسطس 2024 (إسنا)

أولا: المؤسسة العسكرية وحدود القرار السياسي

إنّ ظهور رئيس أركان جيش جنوب إفريقيا في طهران، دون تنسيق واضح مع القيادة السياسية، طرح إشكالية العلاقة بين المؤسسة العسكرية وصياغة السياسة الخارجية في الأنظمة المدنية الحديثة.

وعلى الرغم من أنّ للدولة تقاليد مستقرة في الفصل بين السلطات وتوزيع الصلاحيات، فإنّ هذا النوع من التحركات الرمزية يعكس خللًا في آليات الضبط المؤسسي. إذْ أنّ الجنرال رودزاني مافونيا (General Rudzani Maphwanya) لم يكتفِ بزيارة بروتوكولية فحسب؛ بل أدلى بتصريحات سياسية حسّاسة، تجاوزت نطاق التعاون العسكري التقليدي؛ لتعبّر عن “تقارب استراتيجي” مع طهران، في تعارض صريح مع خطاب بريتوريا الرسمي الداعي إلى الحياد وتعدد الشراكات.

وقد رأى كثيرون أنّ السياق الأوسع لهذا التقارب، خصوصاً مع البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا، يمنح الحادثة أبعاداً أكبر من مجرد زيارة عسكرية فردية.

لم تكن هذه المرة الأولى التي تقوم فيها المؤسسة العسكرية بلعب دور خارج الإطار العملياتي أو الدفاعي؛ لكنها المرة الأوضح التي يُحدِث فيها هذا التحرك صدىً سياسيّاً داخليّاً وخارجيّاً.

فرئاسة الجمهورية، رغم تحفظها المعلن، امتنعت عن اتخاذ إجراءات صارمة، مكتفية بانتقادات مبطّنة عبر مصادر مقربة، ما فُهم في الأوساط الدبلوماسية على أنه تهاون مع سلوك يُمكن أنْ يتكرر مستقبلاً.

هذا الصمت الرسمي، أرسل رسائل متناقضة لشركاء جنوب إفريقيا الدوليين، وخصوصاً في الغرب، الذين يراقبون عن كثب مدى التزام بريتوريا بآليات الحوكمة الرشيدة والانضباط المؤسسي، خاصة في ظل استمرار النقاش حول رمزية البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا كمؤشر سياسي لا يمكن تجاهله.

أمّا في السياق الداخلي، فقد أثار الحدث نقاشاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والسياسية حول استقلالية الجيش، وحدود تدخله في القضايا السيادية، ودوره في إعادة صياغة التوجهات الخارجية للدولة.

فعلى الرغم من أهمية التعاون العسكري في تعزيز مكانة جنوب إفريقيا الإقليمية، إلا أنّ غياب التنسيق السياسي المسبق يعيد إلى الأذهان أسئلة قديمة حول من يملك الكلمة الأخيرة في العلاقات الدولية. هل هي الحكومة المنتخبة، أم المؤسسة العسكرية؟

ومن يضع الخطوط الحمراء في التعامل مع قوى دولية مثيرة للجدل كإيران، خاصة حين يتداخل ذلك مع ملفات حساسة، كملف البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا، وما تثيره من حساسية متزايدة في دوائر صنع القرار؟

ثانيا: إيران وإفريقيا… بوابة للرمزية والمناورة

بالنسبة لإيران، تشكل القارة الإفريقية ساحة بالغة الأهمية لإعادة بناء شبكة نفوذ دولية تواجه ضغوطًا هائلة من العقوبات والعزلة السياسية. فمع تراجع تأثيرها في المشرق العربي، وتدهور مواقعها في سوريا، ولبنان، والعراق، وسحب الحاضنة الشعبية لحلفائها بسبب النزاعات المسلحة، تحاول طهران استثمار كل فرصة رمزية لتعويض الخسائر الجيوسياسية.

وفي هذا الإطار، تُعدّ المناورات البحرية، والزيارات العسكرية، والتصريحات المتبادلة مع شركاء من خارج الدائرة الغربية، بمثابة أدوات لإعادة إنتاج صورة “الحضور الدولي النشط“، ولو في حدود الشكل أكثر من المضمون.

ومن هنا، يُعَدّ ملف البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا إحدى أبرز هذه الأدوات الرمزية، التي اختارت طهران توظيفها ضمن سرديتها العالمية الجديدة. ولا تسعى إيران فقط إلى كسب موطئ قدم عسكري أو لوجستي فحسب؛ بل تهدف إلى تكريس خطاب “الشراكة جنوب-جنوب” الذي يُعفيها من التزامات السياسة الدولية التقليدية.

وهنا، تُقدَّم طهران كقوة ناشئة مناهضة لـ “الهيمنة الغربية“، تتقارب مع دول مثل جنوب إفريقيا، التي تحمل بدورها ذاكرة استعمارية تجعل خطاب السيادة وعدم الانحياز أكثر جاذبية سياسيّاً.

لكنْ هذا الخطاب، رغم فعاليته الرمزية، يظل محفوفاً بالتناقضات، فالدعم الإيراني لبعض الجماعات المسلحة، ومواقفها الحادة من قضايا إقليمية معقدة، يثيران تحفظات في عدد من العواصم الإفريقية، خاصة تلك الساعية إلى علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، ولا سيما حين يُوظَّف الوجود البحري كما في حالة البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا كأداة ضغط رمزية في علاقات تتطلب حذراً استراتيجيّاً.

كما أنّ توظيف إيران لعلاقاتها مع إفريقيا يأتي أيضاً في لحظة ترتفع فيها نبرة المنافسة داخل مجموعة “بريكس الموسعة، وتسعى فيها كل دولة إلى تعزيز موقعها داخل هذا التكتل عبر محاور تأثير جغرافية.

فبالنسبة لطهران، إنّ اختراق إفريقيا عبر الشراكات الأمنية والرمزية يُعدّ بمثابة “ِرهانٌ ممكن” لتعويض ما خسرته في ملفات أكثر حساسية. لكنها في الوقت ذاته، تضع شركاءها الجدد أمام معضلة إدارة العلاقة معها دون الاصطدام بالتزاماتهم الأخرى، وهو ما ينطبق تماماً على حالة جنوب إفريقيا.

ثالثا: بريتوريا بين الشرق والغرب

منذ نهاية الفصل العنصري، سعتْ جنوب إفريقيا إلى صياغة سياسة خارجية تقوم على التعددية، والانفتاح على قوى الشرق والغرب على حد سواء، دون أنْ تنزلق إلى منطق المحاور الصلبة. غير أنّ تصاعد المؤشرات على تقارب غير محسوب مع أطراف مثيرة للجدل، مثل إيران، قد يعيد خلط أوراق هذه المقاربة التي بنتها بريتوريا على مدى عقود.

فالشراكة المتنامية مع طهران، وإنْ جاءت من بوابة التدريب العسكري والمناورات، تُقرأ في العواصم الغربية كمؤشر على انزياح تدريجي نحو معسكرات غير منسجمة مع المعايير الدولية التي تلتزم بها جنوب إفريقيا في المنتديات المتعددة الأطراف.

وقد مثّل ملف البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا نموذجاً حيّاً لهذا التحول غير المعلن؛ حيث باتتْ الرمزية السياسية لتحركات طهران في القارة تثير تساؤلاتٍ متعددة حول موقع بريتوريا الحقيقي في خارطة التحالفات.

ففي لحظة تستعد فيها بريتوريا لاستضافة قمة مجموعة العشرين (G20)، وتُحاول فيها تقديم نفسها كجسر محايد بين الشمال والجنوب، فأيّ تحرك (خارجي) خارج حسابات التوازن قد يُفهم كإشارة سلبية، تُؤثر على مستوى الثقة في حيادها، وربما في استثماراتها ومكانتها الدبلوماسية.

وهذا لا يخص الغرب وحده؛ بل أيضاً شركاءها من دول الجنوب العالمي (إفريقيا وآسيا) ممن يسعون إلى الحفاظ على مسافة استراتيجية متساوية بين محاور التنافس العالمي.

وضمن هذا السياق، جاءت مشاركة البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا – ولو بشكل رمزي – لتُحرج القيادة السياسية وتدفعها إلى تقديم تفسيرات مضاعفة أمام الداخل والخارج.

ورغم ذلك، لا يزال بإمكان جنوب إفريقيا ترميم صورتها الدولية، إذا ما أعادت ضبط علاقتها بالمؤسسة العسكرية، وحدّدت أولوياتها الاستراتيجية بوضوح، وحرصتْ على أنْ تظل تحركاتها الخارجية جزءاً من سياسة متكاملة تُعبّر عن إرادة الدولة لا اجتهادات الأفراد.

فموقعها في إفريقيا، ودورها داخل مجموعة البريكس، وطموحاتها في السياسة الدولية، تضعها أمام اختبار دقيق؛ إمّا أنْ تحافظ على استقلال قرارها، دون أنْ تتورط في انحيازات غير محسوبة، أو تحالفاتٍ قد تُربك تموضعها الدولي أكثر مما تخدمه.

ومع ذلك، تظل واقعة البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا إحدى المحطات التي ستُقاس بها قدرة بريتوريا على الموازنة بين المبادئ والتكتيك، وبين الطموح والسيادة.

رابعا: إيران وجنوب إفريقيا في معادلة التوازن الإقليمي

على الرغم من ثنائية العلاقة وطبيعتها، إلا أنه لا يمكن فصل التقارب الإيراني–الجنوب إفريقي عن السياق الأوسع لصراعات الشرق الأوسط، ولا عن التحولات الجارية في موازين التحالفات الدولية.

فإيران، التي تُعَرّف نفسها كقوة “ممانعة” للهيمنة الغربية، تروّج لعلاقاتها مع دول الجنوب العالمي بوصفها شراكة تضامنية في مواجهة “ازدواجية المعايير” في النظام الدولي، خصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

وفي هذا الإطار، تبدو جنوب إفريقيا، بتاريخها النضالي، ووقوفها المبدئي (القِيَمي) إلى جانب الشعب الفلسطيني، شريكاً طبيعيّاً في الدفاع عن القضايا العادلة، ما يجعل تقاربها مع طهران قابلاً للتأويل، سواء بوصفه تموضعاً سياسيّاً أم تعبيراً عن التقاء ظرفي في أولويات المرحلة.

لكنْ ثمة حدود فاصلة بين الموقف الأخلاقي والانحياز السياسي الكامل. فرغم أنّ بريتوريا كانت من أوائل العواصم التي طالبت بمساءلة الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية، فإنها لم تنخرط يوماً في خطاب التحريض أو الاستقطاب الحادّ، ولم تجعل من دعمها للقضية الفلسطينية ذريعة لتبرير كل سلوك صادر عن أطراف منخرطة في النزاع، بما في ذلك إيران.

فالفارق بين الدعم القائم على مبادئ للشعوب وبين تبرير التدخلات الإقليمية واضح في سياسة جنوب إفريقيا، التي تنظر إلى الصراع في غزة ليس بوصفه ساحة لتصفية الحسابات الجيوسياسية؛ بل باعتباره مأساة إنسانية تتطلب موقفاً مبدئيّاً غير مرتهن لا لمعادلات الشرق ولا الغرب.

وعليه، فإنّ تصوير زيارة رئيس أركان جنوب إفريقيا إلى طهران كمؤشر على اصطفاف كامل مع إيران لا يعكس بدقة التوجهات العامة للدولة؛ بل يُحمّل الواقعة أكثر مما تحتمل.

فجنوب إفريقيا، بحكم موقعها وتاريخها وعلاقاتها المتشعبة، تفضل الحفاظ على مسافة استراتيجية من النزاعات الإقليمية ذات الطابع الطائفي أو العسكري، وتسعى إلى تقديم نموذج بديل في العلاقات الدولية يقوم على دعم العدالة من جهة، وعدم التورط أو الاصطفاف مع المحاور المتقابلة من جهة أخرى.

وهذا التوجه، رغم ما يثيره من التباسات مؤقتة، يبقى أكثر انسجاماً مع طبيعة الدور الإفريقي المطلوب في عالم متغير، يتطلب الحضور الفعال والإيجابي، وليس التبعية العمياء.

خامسا: توصيات سياساتية

إن التفاعلات الأخيرة مع إيران، تعكس الحاجة إلى مقاربات أكثر اتساقاً في إدارة التحركات الخارجية الحساسة، خصوصاً في بيئة دولية تتسم بالاستقطاب المتزايد. ولتفادي ارتباك التموضع، وتآكل الثقة في استقلال القرار الإفريقي، يمكننا تقديم التوصيات التالي لجنوب إفريقيا خاصة، ولكل دولة إفريقية أخرى تتقاطع معها في السياق والحدث:

  1. تعزيز التنسيق المؤسسي بين المستويات السياسية والعسكرية في ملفات التعاون الخارجي، بما يضمن وحدة الخطاب ويحول دون إرسال إشارات متناقضة في سياقات جيوسياسية معقدة.
  2. ضبط بروتوكولات الزيارات والتصريحات المرتبطة بالدول ذات التموضع الحادّ في النظام الدولي، وتقييم آثارها الرمزية بعناية، خصوصاً حين تمسّ العلاقة مع قوى تحت المجهر، مثل: إيران، في سياق تصاعد توترات ترامب وإفريقيا.
  3. إدماج البعد الرقابي والسياسي المحلي في صياغة الشراكات الدفاعية والأمنية، بما يعزز الشفافية ويدعم قرارات متوازنة تعكس أولويات الدولة لا اجتهادات الأفراد.
  4. تطوير قراءات تحليلية إفريقية متعددة التخصصات حول الانعكاسات الإقليمية للشراكات الرمزية، وبلورة فهم أعمق للعلاقة بين السيادة السياسية ومناورات النفوذ، في ظل التنافس المحتدم على إفريقيا بين الغرب والشرق.
  5. دعم إنتاج معرفي رصين حول تموضع إفريقيا في النزاعات غير المباشرة، بما يرسخ خطاب الحياد النشط ويمنع انزلاق الشركاء إلى اصطفافات لا تخدم الاستقرار ولا تعزز التنمية، خاصة في ظل التغيرات المتسارعة التي يفرضها ملف ترامب وإفريقيا كأحد رموز هذا التحول.

الخاتمة

بلا ريب، إنّ واقعة البحرية الإيرانية في جنوب إفريقيا تطرح تحديّاً رمزيّاً يتجاوز تفاصيل المناورة ذاتها؛ ليعكس مدى استعداد الدول الإفريقية لترشيد أدوات تحركها في بيئة دولية تتقاطع فيها الرمزية العسكرية مع الاصطفاف الجيوسياسي.

وفي ظل ما تشهده العلاقات الدولية من انزياحات حادّة، فإنّ الحفاظ على فلسفة “التموضع المستقل” يقتضي يقظة مؤسسية وتماسكاً في القرار السياسي، لا سيما حين يتعلق الأمر بشراكات قد تُفهم خارج إطارها المعلن.

فجنوب إفريقيا، بما تحمله من ثقل تاريخي وموقع إقليمي، تظل في موقع يسمح لها بتقديم نموذج أكثر توازنًا في إدارة الانفتاح الدولي، دون أنْ تُستدرج إلى استقطابات عابرة.

وفي هذا الإطار، فإنّ تفاعلاتها مع طهران، بما فيها ملف ” البحرية الإيرانية”، لا يمكن عزلها عن السياق الأوسع لإعادة رسم خرائط النفوذ، ومحاولات قوى مختلفة لإعادة تعريف قواعد الاشتباك السياسي في القارة.

إنّ المحكّ الحقيقي لا يكمن في الحدث ذاته؛ بل في قدرة الدولة على استيعاب مآلاته، وتحصين قرارها من ارتدادات اللحظة، عبر هندسة علاقات خارجية تُراعي حساسية المرحلة، وتُبْنَى على وعيٍ استراتيجيٍّ شاملٍ، وليس على رمزية مناسباتية قد تُكلّف أكثر مما تُثمر.

Print Friendly, PDF & Email

كاتب

  • محمد زكريا فضل
    محمد زكريا فضل

شارك هذا الموضوع:

  • انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة) فيس بوك
  • النقر للمشاركة على X (فتح في نافذة جديدة) X

Related


اكتشاف المزيد من أفريكا تريند

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Tags: إيرانالسياسة الخارجيةالنفوذ الدوليبريكس الشرق الأوسطجنوب إفريقيا
محمد زكريا فضل

محمد زكريا فضل

منشورات ذات صلة

انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر من المحكمة الجنائية الدولية: تحقيق للسيادة أم تهرّب من المساءلة؟
أحداث وتحليلات

انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر من المحكمة الجنائية الدولية: تحقيق للسيادة أم تهرّب من المساءلة؟

28 سبتمبر، 2025
الاتحاد الإفريقي يدعم اعتماد خريطة إفريقيا الحقيقية: خطوة رمزية بأبعاد استراتيجية
أحداث وتحليلات

الاتحاد الإفريقي يدعم اعتماد خريطة إفريقيا الحقيقية: خطوة رمزية بأبعاد استراتيجية

17 أغسطس، 2025
ما وراء الصورة: زيارة الأمير هاري، والألغام الأرضية في أنغولا، وسياسات الذاكرة
أحداث وتحليلات

ما وراء الصورة: زيارة الأمير هاري، والألغام الأرضية في أنغولا، وسياسات الذاكرة

13 أغسطس، 2025
إلغاء تأشيرات دخول كينيا للأفارقة: خطوة نحو اندماج قاري
أحداث وتحليلات

إلغاء تأشيرات دخول كينيا للأفارقة: خطوة نحو اندماج قاري

14 يوليو، 2025
Next Post
موارد الفوارق اللغوية في كتابات الشيخ الخديم

موارد الفوارق اللغوية في كتابات الشيخ الخديم: تخريجات لغوية وتوجيهات دِلالية

انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر من المحكمة الجنائية الدولية: تحقيق للسيادة أم تهرّب من المساءلة؟

انسحاب مالي وبوركينا فاسو والنيجر من المحكمة الجنائية الدولية: تحقيق للسيادة أم تهرّب من المساءلة؟

التعليم العربي الإسلامي في مالي

من الكتاتيب إلى المدارس النظامية: التعليم العربي الإسلامي في مالي... الجسر الثقافي بين الماضي والمستقبل

وفاة رايلا أودينغا الزعيم المعارض الكيني إثر أزمة قلبية في الهند

وفاة رايلا أودينغا رئيس وزراء كينيا الأسبق في الهند

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

No Result
View All Result

أحدث المنشورات

العدالة الاقتصادية في جنوب إفريقيا.. صراع الذاكرة والمستقبل

العدالة الاقتصادية في جنوب إفريقيا.. صراع الذاكرة والمستقبل

23 أكتوبر، 2025
أزمة الديون الخفية في السنغال

بين تصاعد أزمة الديون الخفية في السنغال وحيوية النشاط الاقتصادي

21 أكتوبر، 2025
مصر أسعار الوقود

مصر ترفع أسعار الوقود للمرة الثانية في 2025 وتجمّدها لمدة عام لتقليص الدعم والعجز المالي

20 أكتوبر، 2025
وفاة رايلا أودينغا الزعيم المعارض الكيني إثر أزمة قلبية في الهند

وفاة رايلا أودينغا رئيس وزراء كينيا الأسبق في الهند

15 أكتوبر، 2025
التعليم العربي الإسلامي في مالي

من الكتاتيب إلى المدارس النظامية: التعليم العربي الإسلامي في مالي… الجسر الثقافي بين الماضي والمستقبل

14 أكتوبر، 2025
أفريكا تريند

© 2025 أفريكا تريندز

روابط مهمة

  • الشروط والأحكام
  • سياسة الخصوصة
  • معايير النشر
  • اتصل بنا

منصاتنا الاجتماعية

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password?

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In
No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • دراسات
    • دراسات بيئية
    • دراسات ثقافية
    • دراسات مجتمعية
  • تقارير
    • اقتصادية
    • سياسات عامة
  • الهوية الإفريقية
  • مرآة إفريقيا
    • مقالات
    • أصوات إفريقية
    • أحداث دولية
    • تقدير موقف
  • عن أفريكا تريندز
    • من نحن
    • معايير النشر
    • فريق أفريكا تريندز
    • كُتَّاب أفريكا تريندز
اكتب معنا

© 2025 أفريكا تريندز

اكتشاف المزيد من أفريكا تريند

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading